Wednesday, November 16, 2016

يوميات

أردتُ أن أفهم كل شيء لأعبر عنه بشكل غير مفهوم، لم أفهم شيئًا وصرتُ غير مفهوم..

يوميات

مدارات، مدارات، شبكة هائلة من الخطوط المتشابكة في تعقيد بالغ، خيوط رفيعة غير متصلة عليها مركبات تسيّرها قطة عملاقة تسكن الغيم في الأعالي. مركبات مُحكمة الإغلاق نسكنها دون إرادة تدور بسرعة دوران أورانوس حول نفسه، كلٌ في مداره الخاص، وملايين السنين الضوئية بين كل مدارين ومع ذلك فالاصطدام حتمي..

Monday, November 14, 2016

يوميات



عمتِ مساءً يا عزيزتي. ليلة باردة نسبيًا، أليس كذلك؟. نعم باردة، ومقفرة، رغم ظاهرة القمر تلك. أود ألا تسيئي الظن بي، لستُ ثرثارًا. أكون كذلك فقط عندما أتحدث إلى نفسي، وعندما أكتب. الحال سيئة يا عزيزتي، في غاية السوء. أكاد أشعر برئتاي تقطران سوادًا، وأشم رائحة الأسود في كل نفس أستنشقه، الحق أقول لكِ، لم أكن أعلم أن للألوان رائحة، كما أنني لم أعرف سوى رائحة الأسود. أعتذر عن كآبتي المُفرطة، فتلك هي حقيقيتي وكينونتي. أنا صادق، حتى عندما أكذب، ولا أقول الصدق إلا إذا كنت ثملًا أو أثناء الكتابة. هذا لا يعني أنني لا أشفق عليكِ من تلك الكآبة، لكني أعلم أنك لن تقرأي هذه الرسائل أبدًا، ربما لأنك لن تحظي بوجود فيزيقي..

Saturday, November 12, 2016



إشارة مرور
في شارع مهجور
ألوانها بتدور
من غير سرور

الأرض بور
مليانة شرور
كله باطل وكله زور
كله ظلم وكله جور

الجنة ناشفة مفيهاش حور 
واللقمة ماسخة واقفة في الزور
والحب اختفى فقد الظهور
والقبر واسع ملهوش سور

Wednesday, November 9, 2016

بائع الكتب المستعملة


بلّ إصبعه بلسانه ليقلب صفحة الكتاب، وتابع بإهتمام قراءة الرواية، تعجبه حبكة ماريو يوسا كثيرًا، يلتهم صفحات رواياته بلا ملل، ولا يشعر بضوضاء الزقاق الذي يتواجد فيه متجره، زقاق ضيق جدًا، يسع بالكاد عرضه لاثنين. علاقته جيدة بجيرانه البائعين، لكنهم لا يقرأون، كان يتبادل معهم الحديث عما يقرأ في التاريخ والأدب، لكن لم يشعر باستجابة منهم، كأنه يتحدث إلى نفسه، فاقتصر الحديث بينهم على تبادل التحية اليومية في الصباح. ذات مرة كان يتحدث إلى عم رؤوف ”تصوّر أن تشيلي مرت بإنقلاب مماثل لما حدث هنا؟، تدهورت أحوالهم كثيرًا بعدها..“، هز عم رؤوف رأسه دون أن يتكلم، لم يجد شيئًا ليقوله. أحس بالإحراج وصمت، واعتاد أن يحتفظ بمعلوماته لنفسه، فقد كانت دومًا مشكلته أنه لا يجد من يشاركه الحديث. حتى زوجته، عندما كانا يشاهدان الأخبار سويًا الأسبوع الماضي، أخبرها بأن النظام كاذب، وأن السياسات الحالية ستؤدي إلى تدهور الأوضاع مثلما حدث في أمريكا اللاتينية، فتعجبت من كلامه، وقالت له جملة أحزنته كثيرًا، ”لقد عبثت الكتب بعقلك“، فلم يرد، وربت على كتفها بحنان. يبيع عم جميل الكتب المستعملة منذ ثلاثون عامًا، يبيعها بأسعار زهيدة، يود لو أن يوزعها مجانًا لمحبي القراءة الذين يرتادوا متجره باستمرار، لولا أنها مصدر دخله الوحيد، يشعر بالذنب كثيرًا عندما يأتي قارئ لا يملك ما يكفي من المال لشراء كتاب يريده، يخفّض السعر قدر المستطاع رغم أعباء الحياة الصعبة، كإيجار المنزل وإيجار المحل، فقد أعطاه صاحب المنزل يومان لسداد الإيجار المتأخر. اليوم هو يوم خاص جدًا بالنسبة له، ستأتي مريم لشراء رواية أنطون تشيكوف التي طلبتها المرة السابقة، يحب عم جميل الحديث مع مريم كثيرًا، فهي تشاركه حب الأدب الروسي وأدب أمريكا اللاتينية، ويستمر بينهما الحديث لفترات طويلة دون أن يشعروا بالملل. تأتي دائمًا مريم بشعرها الأسود الطويل وعينيها السوداوين وابتسامتها اللطيفة التي تبعث بالبهجة والراحة. كان ينتظرها ويقرأ رواية يوسا، فدخل شاب في العشرين من عمره يسأل على كتاب مباحث الجنس لفرويد، فأخبره عم جميل أن الكتاب موجود وسعره عشرون جنيهًا، فأخرج الشاب النقود فوجد ثمانية جنيهات فقط، قال لعم جميل ”آسف سآتي مرة أخرى، ليس لدي ما يكفي الآن“، تذكر عم جميل موعد الإيجار المتأخر وتردد للحظة ثم باعه له بثمان جنيهات. مرت دقائق حتى سمع صوت مريم يقول ”صباح الخير يا عم جميل“ فابتسم فورًا وقام لتحيّتها لكنها لم تكن بمفردها، جاء معها شاب في منتصف العشرينات، قالت مريم مبتسمة ”يوسف خطيبي يا عم جميل“، حيّاه بإبستامة خفيفة وشعر بغصّة لم يفهم سببها. كانت مريم قد أحضرت يوسف لشراء الأعمال الكاملة لماركيز، حيث أخبرته أنها موجودة بالتأكيد عند عم جميل، أحضرها له وأعطى رواية تشيكوف لمريم ثم انصرفا. جلس عم جميل، أشعل سيجارة، ونفث دخانها ببطء، أخرج النقود من جيبه ووجد أنه أتم المبلغ المطلوب للإيجار. شعر عم جميل بتعب بسيط فأغلق المحل وعاد إلى منزله. كانت زوجته غارقة في النوم، استلقى بجانبها وطوقها بذراعيه، ووضع رأسه على الوسادة، وأغمض عينيه..

Monday, November 7, 2016

لقد ملّت القطط من محاولات إيجاد مخرج لتلك الغرفة مُحكمة الإغلاق، وأصابهم الضجر، فانتبهوا لوجودهم، ضرب القط "ق" القطة "س"، ومارس "أ" الجنس مع "ج"، وشنقت "ز" نفسها، وجلس "ك" في الركن وحيدًا، وتبحث "ن" عن ذكر، وتبكي "م" بلا سبب محدد، ولم تتوقف "د" عن المواء. ونسوا جميعًا بشأن المَخرَج..

Tuesday, November 1, 2016

يوميات

أتدرين يا عزيزتي، كم أحتقر نفسي؟ كم أشعر بالضآلة؟، أنا هشّ، لدى التبغ المُحترق من التماسك أكثر مما لديّ، ولديّ من الطاقة السلبية والكآبة ما يكفي لإضفاء لون أزرق قاتم على كل شيء، ما يكفي لدفع كل كائنات الأرض والكائنات الفضائية لإنهاء حياتهم، لهذا أصمت كثيرًا، وأكره كل تأثير لي على الآخرين، حتى الجيّد منه، ألم أخبرك بهذا من قبل؟. "آسف" كلمة فقدت معناها، ربما لأنها كثيرة التردد على مسامعنا، وربما، لأنها تعجز عن الرجوع بالزمن إلى الوراء، وإصلاح ما تم إفساده، لكنّها تعني بالتأكيد كم أشعر بالأسف. تحول بيننا مسافات شاسعة، وحدود، وأسلاك شائكة، ودبابات، وعلاقات سياسية مُضطربة، أود تجاوزهم جميعًا لأحتضنك -أعلم كم أنتِ بحاجة لهذا العناق- لأمتص كل الحزن بداخلك، لا بأس يا عزيزتي، لن يضيرني بعض مما أمتلكه بالفعل. لقد اعتدتُ منذ كنت صغيرًا أن أحب، وأعطي الحب للآخرين، فقط لم أكن أعلم، أنه عندما ينفذ مني الحب، قد أتسبب في مأساة..