https://www.facebook.com/video.php?v=550335765085421&set=vb.253899454729055&type=3&theater
كان ينظر إلى الخارج عبر زجاج باب الدخول كأنه ينظر إلى لا شيء، مسندا رأسه على يده، يستمع إلى المقطوعات التي يعزفها جون على البيانو، مرت خمس وأربعون دقيقة إلى الآن بلا زبون واحد، فاليوم الثلاثاء والإقبال على الحانات عادة ما يكون سيء في منتصف الأسبوع.
كان ينظر إلى الخارج عبر زجاج باب الدخول كأنه ينظر إلى لا شيء، مسندا رأسه على يده، يستمع إلى المقطوعات التي يعزفها جون على البيانو، مرت خمس وأربعون دقيقة إلى الآن بلا زبون واحد، فاليوم الثلاثاء والإقبال على الحانات عادة ما يكون سيء في منتصف الأسبوع.
انتهى جون من سوناتا لشوبرت وإلتفت إلى الخلف، فقال له جورج..
- ربع ساعة أخرى فقط..
فهمّ الأول يقلّب في نوتاته الموسيقية.
وسحب جورج زجاجة براندي من البار الذي أمامه وسكب لنفسه كأسا وبدأ يرتشف في صمت.
جورج في منتصف الأربعين من عمره، طويل القامة، أسود العينين، قمحي البشرة.
توفت زوجتة إلينا وإبنته الوحيدة كارلا قبل عشرة أعوام في حادث بسيارته لم ينج منه سواه، لا تزال هناك ندبة أعلى حاجبه الأيمن من أثر تلك الحادثة.
وكان قد اشترى تلك الحانة منذ ستة أعوام ويقضي طوال يومه فيها.
الحانة ليست الأفخم بين حانات الحي، لكنها تتسم بجو خاص بها يليق عادة بكبار السن والزبائن المنفردين. وإيرادها الشهري يكفي احتياجاته ويوفر له حياة مطمئنة.
- ربع ساعة أخرى فقط..
فهمّ الأول يقلّب في نوتاته الموسيقية.
وسحب جورج زجاجة براندي من البار الذي أمامه وسكب لنفسه كأسا وبدأ يرتشف في صمت.
جورج في منتصف الأربعين من عمره، طويل القامة، أسود العينين، قمحي البشرة.
توفت زوجتة إلينا وإبنته الوحيدة كارلا قبل عشرة أعوام في حادث بسيارته لم ينج منه سواه، لا تزال هناك ندبة أعلى حاجبه الأيمن من أثر تلك الحادثة.
وكان قد اشترى تلك الحانة منذ ستة أعوام ويقضي طوال يومه فيها.
الحانة ليست الأفخم بين حانات الحي، لكنها تتسم بجو خاص بها يليق عادة بكبار السن والزبائن المنفردين. وإيرادها الشهري يكفي احتياجاته ويوفر له حياة مطمئنة.
كان الجو يملأه السكون والهدوء وكل صوت به من الوضوح ما يكفي ليطغى فوق باقي الأصوات. كدقات ساعة الحائط وتساقط المطر خارجا وحفيف نوتات جون ووقع أقدام تقترب خطواتها شيئا فشيئا وتعلو فوق باقي الأصوات.
دفعتْ الباب في هدوء وتقدمت نحو البار ثم جلست وقالت لجورج..
- كأس براندي من فضلك..
- لكِ هذا..
وسكب لها كأسا من نفس الزجاجة. أفرغت الكأس في معدتها على دفعة واحدة فرمقها جورج باهتمام.
- هذا جيد، كأس آخر من فضلك.
- همم حسنا..
كان قد بدأ جون بعزف مقطوعة موسيقية جديدة.
- هذا رخمانينوف..
- نعم..
- كان زوجي يحب رخمانينوف..
- كان؟
- نعم .. ميت..
- آسف..
- لا بأس .. كان هذا منذ عدة أعوام على كل حال..
أشعلت سيجارة ونفثت دخانها بتوتر ثم قالت..
- كان علي أن أتعايش مع حقيقة أنه تركني وحيدة .. وأني قتلته!
فارتسمت علامات الدهشة على وجه جورج فقالت..
- كنت أنا من يقود السيارة .. كانت تمطر بلا توقف، ومع ذلك لم أحدّ من السرعة، هو كان مستسلما ولم ينبس بكلمة طوال الطريق، وكانت على وجهه علامات القلق..
ارتشفت من الكأس ثم أردفت..
- عندما انقلبت بنا السيارة كنت قد كسرت ذراعي ورقبتي، كان الألم لا يُحتمَل، نظرت إليه، كان وجهه مضرجا بالدماء، ومازال مندهش كالأطفال، يئنّ بهدوء من الوجع، لفظ آخر أنفاثه قبل مجيء سيارة الإسعاف.
تحسس جورج أعلى حاجبه الأيمن ويحاول تفادي ومضات عكسية من الماضي.
إلتفتت السيدة إلى الوراء وقالت لجون..
- المعذرة .. هل بإمكانك إعادة عزف المقطوعة الأخيرة من فضلك؟
فنظر جون إلى جورج ثم قال..
- بالتأكيد سيدتي..
عادت لجورج وكان قد سكب لها الكأس الثالثة، ارتشفت منه قليلا ثم قالت..
- هل تؤمن بوجود الله؟
- كلا..
- إذن كل شيء عبثي .. كل شيء..
انزلقت من عينيها ببطء دموع، وسرعان ما اجهشت بالبكاء..
- أُفضِّل أن أؤمن أني ذاهبة للجحيم ومارتن إلى الجنة على أن أظل هكذا طيلة حياتي..
أعطاها جورج منديل فشكرته ومسحت دموعها.
- لطالما أحب مارتن رخمانينوف .. وأنا أيضا..
صمتت قليلا تتأمل الموسيقى ثم أنهت الكأس الثالثة ووضعت ورقتين من النقود على البار وقالت لجورج
- شكرا لَك..
- علامَ؟
- على إستماعك .. على المنديل .. على كل شيء..
- هل ستعودي مرة أخرى؟
- أعتقد ذلك .. وداعا..
ظل جورج ينظر إليها إلى أن خرجت من الحانة. كان جون قد انتهى فقال لجورج
- هل انتهينا أخيرا؟
- نعم .. هذا يكفي اليوم .. هذا يكفي..
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.