أذكر جيدًا أولى انكشافات هذا العالم المروع لي، كانت قبل ما يقرب سبعة أعوام، كانت مشاهد من الهولوكوست يعرضها رجل دين مسلم على قناة فضائية دينية. أتذكر جيدًا الوجوه الملطخة بالرماد والعرق، الزيّ الموحّد، الأجساد النحيلة، وملامح الرعب المُمتزجة باليأس. كانت مشاهد عشوائية، أجساد تُحمل إلى الأفران، وتخرج في صورة هياكل عظمية، تلال هائلة من الجثث تجرفها الجرارات لمقابر جماعية، ابتسامات القادة، وملامح الجنود الجامدة، وامرأة مُسِنّة تجلس على الأرض بين صغارها وتُقبل يد أحد الجنود -لا زالت أذكر التفاصيل- كان مشهد يجسد الذُل المُطلق، كانت تنظر له أعلاها وتُقبل يده بشكل متقطع ومتكرر، ثم تطيل القُبلة وتلصق شفتاها بيده، ويربت هو على كتفها، ليس بإمكانه تغيير شيئًا، وأذكر كلمات رجل الدين معلقًا: "انظروا كيف ذل الألمان اليهود، ولكن سوف يتم إذلالهم على يد المسلمين مرة أخرى بإذن الله". بعدما انتهيت ذهبت للفراش وتكورت على جانبي وأصابتني رجفة شديدة، كنت أقول لنفسي "هذا غير مُمكن .. هذا غير مُمكن". منذ تلك الليلة تحديدًا فقدتُ إيماني، وفقدتُ الأمل في العالم، وبتُ أحتقر كل الآراء والأشعار التي تصف العالم بالجمال لزرقة السماء وزهو الأشجار، وبتُ أحتقر الذين لا يروا في العالم سوى الجمال، وأدركت بشكل كليّ، أن كل شيء في هذا العالم هو في واقع الأمر مُمكن..
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.