Sunday, November 17, 2024

يوميات

كل تلك الوجوه والمواقف، تلتف حولي مسرعة، تظهر في كل ركن، تحاوطني من كل إتجاه، ترسل لي إشارات مضللة، وتصيبني بحنين نصفه زائف.

 قالت المعالجة: اهدأ، أنت تحرق نفسك، لن تصمد هكذا طويلًا. ولكن ما الحيلة؟ كيف أتمكن من أن أرخي قبضتي الممسكة بتلابيب العالم؟ ألا أكون على أتم الاستعداد طوال الوقت؟ لا ينعم القلب بالسكينة متى ارتاب العقل. لا يحتاج منبه هاتفي للرنين سوى مرة واحدة حتى أستيقظ فورًا لحمل صخرتي العملاقة من جديد، أحملها بسعادة كما ينصح كامو. 

لم يكن في الإمكان سوى ما كان، سارت الأشياء في طريقها بشكل حتمي دقيق، رأيتها تنبثق من العدم، شاهدتها تتفاقم، لم يكن لي أي دور رغم أني الفاعل، سمعت صراخي من بُعدٍ رابع، رأيتُ ذاتي تدور في متاهة حول نقطة لا يمكن الوصول إليها. انتهت العاصفة. ولم تترك وراءها سوى الندم والرغبة في الإنمحاء والتلاشي. ولكن، ما مصير قصور الرمال مهما طال بقاؤها؟

"إنك لا تراني سوى بعقلك" المعذرة، لم يعد لديّ طريقة أخرى لأرى بها، يبدو أن جحيم دوستويفسكي حقيقي.


Wednesday, July 24, 2024

يوميات

ترددات خافتة، أظنها لحوتٍ ما، تأتي من بعيد، ورأسها جاثم على صدري. ضيق وغُربة، ولكن أنين ذلك الحوت له أثر ساحر. ماذا يقول؟ لمن نداءه؟ وما سر وحدته الإلهية؟. رأسها ثقيل، تكاد تتهشم ضلوعي، ولكن خطر لي، ما صوت أنين الرب؟. 

تنقلت أصابعي بمرونة غير معهودة تلك المرة، لا أجيد العزف في حضور الآخرين، وونج تشيا تشي من فيلم الشهوة والحذر، وقفت خلفي، ولكن تجاهلها عقلي، فخرجت الألحان في محلها تمامًا.

سريعًا ما تتغير الأشياء، حتى مستوى النقيض. عام، وقت كافي للتحول، لكن ماذا عن أسبوع؟ بضع دقائق؟ وبهذه الوتيرة؟ إلام أمضي؟ وأين أنتهي؟


Thursday, May 2, 2024

يوميات

ربما قد أبدو أمامك للوهلة الأولى إني شخص هش، تستطيع الحياة أن تحطمه دون عناء وبشكل يسير، ولكن دعني أقول بوضوح أن هذا الانطباع في الحقيقة ليس صحيح. فلقد تلقيت -حتى الآن- ضربات الحياة واحدة تلو الأخرى بثبات، حتى وإن سالت بعض الدماء، أو ظهرت بعض الندوب التي تلتصق بوجهك للأبد، فتلك الندوب هي ما تعكس العمر الحقيقي للمرء، ولكن رغم كل ذلك فإني لازلت واقفًا، حتى وإن تكررت الهزائم فلم أهو قط. لا تظن أرجوك أن بي من الحماقة ما يجعلني أظن أن بإمكان أحدهم الانتصار على الحياة، فهذا أمر مفروغ من الحديث بشأنه، لكن أن أُهزم هكذا دون مقاومة هو الانطباع الذي لا أود أن أتركه عندك. ودعني أخبرك أحد أهم أسراري، ألا وهو تقبُل العيش في عالم بلا عدل، هكذا ببساطة ودون مواربة، بلا مسكنات ماورائية، قديمة كانت أو مستحدثة، عندما أنتصر لا أشعر بالزهو، فهو انتصار بلا أي قيمة، وعندما أُهزم لا أنتحب، فهو أمر حتمي.


Saturday, February 24, 2024

يوميات

طوبى لتلك العقول التي أتلفها الزمن، التي لم تصمد أمام هذه الوتيرة هائلة السرعة. وطوبى لمن هم على وشك الانهيار أسفل التروس العملاقة ولكنهم يواصلون الركض. بحق الجحيم! ماذا صنع الإنسان بنفسه؟ لقد خلق آلامه وعذاباته وجحيمه ولم يخلق الجنة سوى في خياله. لا أرى إنسان هذا الزمن سوى كما رآه صُنع الله ابراهيم، يأكل نفسه..


Tuesday, October 24, 2023

يوميات

لطالما كانت العدمية ملاذي الفكري الذي يبعث الطمأنينة بداخلي وتدفعني إلى الترفع عن كل ما هو جوهري فضلًا عن التافه. أغدو في حالة عقلية لزائر لا لمقيم، فتتهاوى أعتى المعضلات أمام نسبية الزمن وقِصر الزيارة. وظننت أنها قوتي الخارقة التي أستدعيها عندما يلزم الأمر لأنجو. لكن خبث الوجود لديه المقدرة للعبث بكافة الفلسفات وتطوير آليات دفاع جديدة. ليس بإمكاني أن أترفع عن الأشياء الآن، بل الغرق في أدق تفاصيلها وسبر غورها. سأقيم إذن، لفترة غير محددة، ولأحترق من الداخل حتى تنتهى هذه المهمة أو أنتهي أنا.


Tuesday, October 3, 2023

يوميات

تمامًا، مثلما يتمدد الكون، يتمدد الشعور، ما من نهاية لشيء أو حد أقصى. السقوط، فعل مستمر، لا نهائي، لا يوجد قاع بالأسفل، لن تصطدم بشيء، إنه السقوط فحسب. بإمكانك أن تعتاد كل شيء، وتكتسب صفة الحقارة بامتياز كما يقول دوستويفسكي، غير أن الحياة لن تتوقف عن منحك الدهشة من حين إلى آخر، وربما الذهول، أو الرعب!. انتهت كل وسائل التعبير لديّ لوصف ما يجري وما أختبر، فوتيرة الحياة دائمًا ما تنتصر. 


Saturday, September 16, 2023

يوميات

"ولكن" كلمة بالغة السوء، بالغة القسوة، تمهد لتعقيدات، تنهي آمال بسيطة، يأتي بعدها ما لا ترغب بسماعه، ما تتجاهله وتظن أنه غير حقيقي، فتأتي "ولكن" لتذكرك، لتعلم أنه لا مفر من الاعتراف به.  ينهار كل ما هو جميل قبل كلمة "ولكن".