Monday, December 23, 2013

منتهى الحياة

http://www.youtube.com/watch?v=jtQUxuJL1ds
فتحَ عيناه فجأة، مُتأملًا ما حوله، جال بنظرِه سريعًا في كل أنحاء الغرفة محاولًا إدراك ما حوله إثر إصابته بفقدان ذاكرة دام لثوانٍ قليلة عقب صحوه من النوم.

وما أن عادت إليه ذاكرته حتى أحس بوخزة في قلبه، قوية .. مؤلِمة .. أبدية..

 "ما أجمل أن أبدأ يومي برؤية وجهَك"

نهض من فراشه واقفًا، توجّه للمرآة ووقف أمامها طويلًا ينظر إلى لا شيء، غاص في رحلة لا نهائية تجلى له فيها لقطات عديدة من الماضي.

أحاطته بذراعيها من الخلف وقبّلته في عنُقه ثم نظرت إليه في المرآة وقالت له مبتسمة..
"أُحبُكْ"

أصابه دوار بسيط ثم توجه إلى جهاز الأسطوانات وأدار أسطوانة لفيروز.

"أرى أن صوت فيروز ليس صوتًا بشريًا بل آلة موسيقية، عندما تسمع أغنياتها تشعر وكأنك تسمع موسيقى خالصة"

أمسك بزجاجة العطر خاصتها، حاول أن يستنشقه رغم ضيق نفَسه، امتزجت رائحة العطر المحمّلة بالذكريات بصوت فيروز الموسيقي العتيق فأغمض عيناه في ثبات يتلقى موجة حزن شديدة اخترقت ذاته.

ببطء سار إلى المكتبة، وقعت عيناه على كتاب "بيدرو بارامو"، أخرجه ونفخ ذرات التراب المتراكمة فوقه ثم فتحه وقرأ تلك الكلمات المبعثرة المكتوبة على ظهر الغلاف بخط طفولي .. "عيد زواج سعيد .. أبدي .. أُهديك أقرب رواية لقلبي .. (ليلى)"

مازال قلبه يؤلمه..

بعدما إنتهت أغنية فيروز جلس على كرسي البيانو وبعد صمت بدأ بعزف Chopin's Nocturne .. جلستْ بجانبه وأسندت رأسها على كتفه فانسال عليه شعرها الأسود الطويل .. أحس بقشعريرة في جسده بالكامل وتوقف عن العزف. 

 عاد للغرفة ونظر للفراش طويلًا .. تذكر تأوهات النشوة المنسجمة والعناقات الحارة في برد الشتاء وتذكر أيضًا رأس مُسند على وسادة،هالات سوداء حول العيون، جسد خالي من كل قوة مزّقه المرض..

"لا أمل .. أوقف ألمي أرجوك.."

ارتدى ثيابه ومضى إلى الخارج..

وضع الكرسي في مقابل القبر وجلس .. شعر بالندم والذنب والرضا..

أخرج من جيبه محقنة .. أمعن النظر فيها وانهمرت الدموع من عينه ثم نظر إلى القبر فتجلى له وجهها مبتسمًا.. 

Tuesday, August 6, 2013

جدتي العزيزة .. ارقدي في سلام

تبدأ السارابند بلا مقدمات، تتّحد الكمنجات وتصدر تلك النغمة الجنائزية، تعلو وتهبط، و تكرِر وتكرِر، تخترق قلبي وتترك داخله حزنًا أزليًا. لما اخترتها بالذات؟ سارابند "هاندل" .. صدفة؟.

ما إن عدت إلى بيتك في أول أيام أجازتك من التجنيد حتى أخبروك بمرضها الشديد. ما الجديد؟ ألم تصمد 
أمام هذا المرض ثماني سنوات كالصخر؟ كيف وهنَت؟.

 أخذت تليفونك ووضعت السماعات في أذنيك وقدت بأقصي ما تسمح به سيارتك العتيقة.
لا يوجد في القائمة سوى هذه الموسيقى، تتكرر إلى ما لا نهاية وتترك ألم لا نهائي أيضًا.
الطريق مزدحم جدًا. تتذكر صوت خالَتَك في التليفون .. "مُتعبة جدًا .. تعالى فورًا"، تفترسك هواجسك، كعادتك تتوقع الأسوأ، تنتقل نفس النغمة الكئيبة من الكمنجات إلى الأبواق، وتصرُخ .. "متى ينفتح الطريق بحق الجحيم؟!!"

كلما يمر الوقت تنتصر مخاوفك على أملك، تود أن تحاكيها ولو لثوانٍ، تود أن تنظر إليك، تتعرف عليك، تقبّلها، وتضغط على يدك بشدة عندما تصافحها ولا تتركها.

أخيرًا تصل، وتجدهم جالسين، صامتين، تقرأ على وجوههم كل شيء.. 
أهكذا إذًا؟ انتهى كل شيء؟ ولكن لما تشعر بالحزن؟ أليست لحظة حتمية؟ يقينية؟ إن لم ترحل قبلها فلا مفر من مرورك بتلك اللحظة الأليمة.

تدخل حجرتها وتنظر إليها، تنظر إلى هذا الجسد القوي الذي طالما أدار تلك العائلة بإشارة من إصبعه، هذا الجسد الذي صمد أمام جلطة المخ والشلل النصفي ثماني سنوات.
ظلَّ عنيدًا قويًا، واجه مرض قاسي لا يُهزم حتى قضى عليه تمامًا.

تدنو منها، تلثم جبينها البارد المائل للزُرقة وتُحتبَس دموعك في مُقلتيك وتخرج سريًعا ليشرعوا في أعمال الغُسل.

و تجلس بجوار من إلتقيتهم عند الدخول، و تتحول إلى نسخة منهم، صامت .. شارد .. حزين وتسافر بعيدًا إلى الماضي. 
وعندما يعود ذهنك تسمع كلماتهم:
- في الجنة إن شاء الله، ماتت في رمضان !
- وفي العشر الأواخر !
- إنه يوم 27 .. هذه ليلة القدر ! 
لم تعد تؤمن بتلك الأشياء أليس كذلك؟ لم تعد منطقية ولا عقلانية بالنسبة إليك، لكن هذه لحظة يسقط فيها العقل والمنطق والفلسفة ويسقط فيها كل ما قرأته.
حسنًا إن كان هذا خيرًا فليكن، لتكن ليلة القدر ولتتغمدها الملائكة -التي لم تعد تؤمن بوجودها- بنورٍ ورحمة و لتبارك روحك الطيبة يا جدتي "هند" كل المعتقدات والأديان والشعائر. ليشهد قدّاس روحك الطاهرة حشد من مسلمين وأقباط ويهود وبوذيين وهندوس وسيخ. ليصلي كلٌ صلاته و يدعو الإله الواحد أن تنعم هذه الروح بالسكينة الأبدية.

ينتهي الغُسل والتكفين، وتحملها مع الآخرين إلى أسفل، يُصلى عليها صلاة المغرب وصلاة الجنازة، وتذهبوا إلى المقابر، لا تتوقف نغمة "هاندل" الجنائزية داخلك رغم إنك نزعت السماعات منذ زمن.

يُفتح القبر .. لولا أنك حررت عقلك من الخرافات لما استطعت حضور موقف كهذا.
نزعت حذائك بلا تردد عندما قال الحارس لا يجوز النزول إلا حافيًا.
تنزل درجات قصيرة، تُخفض رأسك بشدة حتى لا تصطدم بالجدار.

ها هي راقدة في مثواها الأبدي داخل قماش أبيض، تسمع همهمات ما بين آيات قرآنية وأدعية يتلوها الحضور، تجلس على رُكَبك وتضع يدك على يديها الموضوعتان على بعضهم تحت الكفن. لم تعد تحتمل عيناك إحتباس المزيد، فتنهمر الدموع بلا نهاية..

يهمّوا بالخروج ويربت حارس القبر على كتفك مُعزّيًا لترحل. لما لا تنتهي حياتي الآن؟ لما لا يتركوني أرقد هنا بجانبها ثم يمضوا وحسب؟
تصعد درجات السُلَم ويُغلق القبر.

تلك هي الحياة وهذا هو الموت. الحقيقة الوحيدة الغير قابلة للجدل والشك. وهذا هو الإنسان يظلّ يودِّع أناسًا ويعاني طوال حياته من فراقهم حتى يحين أجله.

تنتهي السارابند نهاية كلاسيكية معتادة.

Saturday, April 13, 2013

Meaningless Thought 2

http://www.youtube.com/watch?v=DbAygn5SY7w

جلستُ أمامه و جلسَ هو في اللحظة ذاتها، لم أره من مدّة  

تغيرت حالته تمامًا و كأني أرى واحدًا آخر.. 

لم تعد تبتسم عيناه .. لم يعد وجهه مُشرقًا .. لم يعد بنظرته ذرة أمل..

صار حزينًا .. كئيبًا .. بلا روح

أيّ داءٍ أصابه؟! 

كان يتأملني بهدوء هو أيضًا..

حدّجني طويلًا بنظرة غامضة .. غاضبة .. إستنكارية .. و كأنه يسألني لائمًا :- ما الذي فعلته بنفسك؟!..

نهضتُ من أمامه و نهضَ هو -في اللحظة ذاتها- !

Thursday, March 7, 2013

رد فعل

وانا في 3 ابتدائي اختارتني مشرفة الطابور إني أقرا عناوين الأخبار كل يوم الصبح .. كانت بتكتبها بقلم لونه أحمر وكان خطّها جميل وعريض وسهل جدًا للقراءة .. وده كان بيخليني محضرش الطابور بأناشيده السخيفة و تمريناته الأسخف لأني بستنى المشرفة لما تشتري الجرايد وتفرغ العناوين وأعمل بروفة على قراءتها

بعد حوالي شهر كنت عايز أغيب من المدرسة مجرد يوم واحد كنوع من التغيير .. يوم مصحاش فيه بدري وأنام براحتي .. أتفرج على حلقة واحدة من مسلسل الكارتون اللي بيتعرض الساعة 10 واللي مبقتش أتابعه من يوم ما الدراسة بدأت

غيبت اليوم واستمتعت فيه بكل اللي كنت عايز أعمله ورجعت المدرسة اليوم اللي بعده .. وقفت في الطابور ولقيت المشرفة جنبها بنت من سنة 2 ابتدائي .. البنت قرأت العناوين وخلص الطابور وطلعنا الفصل .. من يومها ولحد ما خرجت من المدرسة بعد سنتين لا اتكلمت مع المشرفة عن الموضوع ولا طلبت منها ارجع أقرا العناوين الصبح تاني ولا أي حاجة و كأني مكنتش بقراها أصلًا 

ورد فعلي ده ممكن أقيسه على كل المواقف اللي اتعرضتلها في حياتي..

Saturday, February 9, 2013


حنين فاشتياق فحب فعشق فولَه فغضب فحنق فضجر فاستسلام فيأس فلامبالاة فحنين..


Friday, February 8, 2013

اللقاء الأول

دقت الساعة الواحدة بعد الظهر، كنت وحدي في مقهى الإنترنت الذي أعمل فيه فميعاد خروج التلاميذ من المَدرَسة لم يحن بعد .. دلفت للداخل فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها ذات بشرة بيضاء نضِرة، جسمها ممتلئ قليلًا و قامتها متوسطة

لم أشعر تجاهها بأي شيء غير عادي، كنت أنظر لها نظرة غير مُبالية .. توجهت إليّ و قالت بصوت منخفض :
- أريد جهاز سريع لا يعطل من فضلك
- اجلسي على جهاز 4 

جلستْ على الجهاز و ما أن بدأت تتصفح الإنترنت حتى توقف الجهاز تمامًا فنظرت لي نظرة معاتبة و قد شعرتُ بالخجل الشديد
- آسف .. هذا أفضل جهاز لديّ لم يعطل من قبل .. دعيني أعيد تشغيله
- حسنًا لا بأس 

عدتُ إلى جهازي الرئيسي ثم ألقيت عليها نظرة عابرة ..
ثم أدرت من جهازي أغنية "Speak Softly Love" 

كانت قد انتهت و جاءت إليّ لتدفع الحساب ثم سألتني..
- هل هذا دين مارتن ؟
- لا .. إنه آل مارتينو
- صوتهما متشابه إلي درجة كبيرة
- حقًا..
- هل يمكنني إختيار بعض الأغاني لتضعهم لي على أسطوانة؟
- أكيد..
- حسنًا أريد كل أغاني آل مارتينو هذا و كل أغاني فيروز .. همم .. لا أذكر المزيد الآن
هل يمكنني الحصول على رقم تليفونك كي أخبرك بقائمة الأغاني التي أريدها لاحقًا؟
- همم .. حسنًا لا بأس 

كتبته على ورقة ثم أعطيتها إياها فأخذتها وودعتني مبتسمة
- شكرًا سلام .. آه .. لم أعرف اسمك بعد .. ماذا أناديك عندما أتصل؟
- أحمد
فودعتني مجددًا و انصرفت و قد تبدلت نظرتي غير المُبالية إلي أخرى لم تقع على شيء سوى التليفون !