Thursday, December 27, 2012

Bach's Hymn

I'll recommend this Hymn to be played at my

 funeral, in case i didn't die on my own..


Sunday, December 2, 2012

عن ابتسامة

أصدر العقل إشارته بأمر نافذ لا رجعة فيه ولا استئناف، فاستجابت عضلات وجهها و رسمت أجمل ابتسامة عرفتها الطبيعة، فصاحت الطيور ترتجل تغريدات جديدة، و أسرعت الأرض في دورانها حتى تُخلّص الشمس من إعاقة السحاب و تسمح لها بمشاهدة الحدث التاريخي لتحفره في ذاكرتها، و حلّق النسر منتشيًا بسرعة لم يبلغها من قبل استطاع قلبه بالكاد تحمّلها، و كنتُ أنا - أكثر الناس حظًا على الأرض - وحدي جالس أمامها أتلقى تلك الابتسامة الساحرة التي جعلتني أشعر بسعادة لم أعهدها من قبل : )

Friday, October 19, 2012

Meaningless Thought

http://www.youtube.com/watch?v=zOfCLVnDRUE
تحت سماء مليئة بالغيوم تتساقط منها أمطار غزيرة قطراتها حادة كالأنصال ، بين رياح هوجاء مضطربة  صفيرها متقطع ، في غابة كثيفة الأشجار أشجارها بلا أوراق كأنها حُرقت منذ أعوام ، على أرضٍ عرجاء أركض بجنون .. لا أدري متى و لا كيف بدأت
و هل أنا أهرب من شيء أم أحاول اللحاق به ، لا يمكنني التوقف ، وصلت سرعتي مداها .. بلغتُ مرحلة اللاعودة !

- أحمد !

حراسة السحاب المشددة للقمر لم تسمح إلا بتسلل ضوء خافت و كثافة الضباب جعلتني بالكاد ارى بضعة أمتار أمامي وتساقط قطرات الماء الحادة على عيني لم يترك الجفون مفتوحة لثانيتين متتاليتين، صفير الرياح أصاب أذني بالطنين و برودتها جمّدت أطرافي !

- أحمد !!

صورة مُهتزة مُشوَّشة و أرض غير مستوية أصابت ركوضي بالترنح و عدم الإتزان .. ضيق المسافات بين الأشجار يؤكد حتمية اصطدامي بإحداهما خلال ثواني !
لا أدري  كيف ولا متى سوف ينتهي كل هذا !

- أحمد !!!
- نعم ؟!
- الساعة السابعة !

اوه .. هل استيقظت من حُلم أم بدأت آخر و عودتي لمعاناة الواقع أمر لا مفرّ منه !



Thursday, September 27, 2012

Monday, August 6, 2012

العرّافة

وضع الاسطوانة فى الجرامافون ثم أداره و عاد إلى كرسيه الهزّاز ، ثوانى و بدأت الموسيقى.. "السكوت" لبيتهوفن 

لم تكن فقط الموسيقى المفضلة لنا ، لكن ثمة أمر غامض بشأنها ، كأنها تسرد قصتي .. قصتي مع العرّافة !

تلك الليلة الجميلة على كوبري قصر النيل ، صفاء السماء زادها شفافية ، و القمر قلَّ حياؤه فازداد توهجاً والنيل تتهادى أمواجه فى عشوائية منتظمة.

بخطوات مُتمهلة سرتُ معها مُمسكاً بيديها الناعمة نتأمل السماء سوياً ، نعم .. نستطيع أن نلمسها بأيدينا .. حُبنا أقوى من أى شئ ، رسمنا أحلاماً وردية و لوَّناها ، وبينما كنا نسير بجانب سور الكوبرى وجدنا امرأة عجوز جالسة على الأرض ، همسَت لي و قالت : ألا تريد أن أقرأ لك الكفّ؟
فرفضتُ و لكن همَت ليلى و مدت يدها لتقرأ كفّها العرّافة فسألَتها مبتسمتاً لي : أين سأكون بعد شهر من الآن؟ ، فأجابتها العجوز : فى القبر !

إختفت إبتسامة ليلى و أكفهر وجهها من هول الصدمة فسحبتُ يدها و نهرت العجوز : اخرسى يا ملعونة ! ثم مخاطباً ليلى : إنها مجنونة .. لنذهب
- إنتظر لنرى ما الأمر.. فتوجهت للعجوز و قالت:
كيف؟! .. إن زفافي بعد ثلاثة أيام..
- هذا ما أراه ، لا أجد شئ آخر فكفِّك مُعقد .. لعل الأمر يتضح بعد قراءة كفّ الشاب
فقلت لها : أنتِ كاذبة و أنا لا أكترث بهذه الخرافات !
فألحّت عليّ ليلى فلم أملك إلا أن أرضخ لإلحاحها خاصةً بعد أن رأيت كيف ساءت حالتها.. 

فمددت يدى لها فتأملت كفّي وقالت : هذا أكثر وضوحاً ! .. ستتزوج بعد عام و ستُنجب طفلين و ستكون أُسرتك سعيدة .. سكتت برهة ثم استدركت ، سيلقوا حتفهم فى حادث و ستبقى وحيداً و ستموت هَرِماً !  
لم أنسى وجه ليلى وهى تستمع إلى تلك الكلمات .. كأنى أرى فى عينيها مئة إحساس مختلف ، دهشة و ذهول و قلق و حيرة و خوف و غضب  
فقلت للعجوز :
- حسناً هذا يكفي
فأمسكت بيد ليلى و رحلنا..
ثقُلت خُطاها و شرد ذهنها ، كان وجهها ذابل حزين كأنها مريضة بداء مُزمن من سنوات ، لقد آمنت بنبؤة العرّافة تماما !

و فى مساء اليوم التالى هاتفتنى و أخبرتنى أنها قادمة ، إنتظرتها لكنها تأخرت كثيراً ، زاد قلقى و خوفى و كلمات العرّافة لم تفارق ذهنى رغم إننى لم أصدق كلمة واحدة مما قالت ، حتى سمعت صرخة قادمة من الشارع .. فصُعقت ، أعرف هذا الصوت تمام المعرفة !
هرولت على السلم مسرعاً لأسفل و خرجت إلى الشارع فوجدت ليلى ملقاه على الأرض بجانب سيارة و وجهها يسيل منه الدماء.. !
تجمد دمى فى عروقى و تصلبت شرايينى و توقف قلبى تماماً ! .. ماتت أمام منزلى ولم أتمكن حتى من توديعها.. ماتت ليلى و مات الحب فهانت الحياة و تاهت المعانى و ضاعت المفاهيم .. اللعنة على الموت .. اللعنة على القدر !
   
مرَّ عام من اليأس و القنوط .. حاولت مرة الإنتحار و فشلت !، لم يتغير أي شئ فى حياتى حتى قابلت سارة..
كانت مرِحة و جميلة ، مليئة بالسعادة و الأمل و التفاؤل ، لا أدرى ماذا أعجبها فى شخصٍ كئيب مثلي ، أحبتني كثيراً و بذلت كل ما في وسعها لتجعلني أشعر بالسعادة ، قلبت حياتي رأساً على عقب ، لم أنسى ليلى للحظة و لم أحب غيرها لكن ما ربطنى بسارة من حياة زوجية سعيدة كان شئ آخر خاصةً بعدما أنجبنا مريم و عمر .

- أنا سعيدة .. أخيراً ستفى بوعدَك لنا
- لقد أجّلت هذه الرحلة كثيراً يا أبى
- نعم لكني أعدكم بعدم التأجيل مجدداً .. لقد أخذت أجازة لمدة اسبوعين و سنقضيهم بالكامل فى الغردقة.

إنطلقنا بالسيارة سالكين الطريق الصحراوى .. كان الطريق مستقر و الأولاد فى غاية السعادة و أمُهم كذلك ، و فجأة خُيلت لي صورة العرّافة فى ذهنى و كأني أراها على الزجاج الأمامى .. أغمضت عينى و فتحتها بسرعة فأختفت الصورة و وجدت سيارة قادمة من الطريق الفرعي يساراً قاطعة الطريق ! .. حاولت أن أتفاداها ، لكن سرعة سيارتي كانت عالية فأنقلبت بنا السيارة عدة مرات !

لم أصاب إلا ببعض الكدمات لكن سارة و الأولاد لقوا حتفهم ! 
لعنت الموت و القدر مجدداً بل و لعنت الحياة ذاتها !

لا أدري ما خطب العرّافة و كيف صدقت نبؤتها ، ولا أدري لما يحدث معي كل هذا..
لم يعد للحياة هدف .. مرت الأيام و كل يوم يشبه الآخر
ها أنا قد بلغت العقد السادس من عمري .. أنتظر الموت كل يوم !


نظر إلى النافذة ، وعلى دقات البيانو استرجع كل ما مر به في حياته 
و بينما توقفت أصابع بيتهوفن عن العزف ، توقف الكرسي عن الحركة !

Monday, July 16, 2012

العادة القاتلة


صوت ضجيج حاد والحجرة ممتلئة عن أخرها بالمكاتب يجلس عليها الموظفين كلٌ أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به، يتلقون شكاوى و مكالمات من عملاء شركة النصر للإتصالات.

كان أدهم قد تعين فى هذه الشركة منذ حوالى سنتين، و امتاز بالكفاءة و حسن التعامل مع العملاء و لم يسبق أن صدرت ضده شكوى من قبل، لذلك كان الأكثر حصولا على لقب الموظف المثالى كل شهر.
إلا أن أدهم كان لديه عادة سيئة .. فقد إعتاد التنصت على المكالمات !، لم يكن يقصد بهذا أشخاص محددة و لكن كان يفعلها بشكل عشوائى نتيجة الملل المصاحب له دائما، كان يسمع مكالمات بها شجار عائلى مرة وإنفصال مراهقين مرة أخرى وأسرار نسائية خاصة و ما إلى ذلك،  لم يتلذذ بهذه المكالمات فى الواقع لكنه كان يلجأ إليها فى الأوقات الخالية من تلقى شكاوى العملاء.

أدهم لم يكن شخص سئ أو شرير لكن هذه العادة هى أسوء ما فيه و الأسوء حقا أن هذه العادة قد إبتلعته و سيطرت عليه تماما، أصبح يتنصت على أى شخص فى أى وقت سنحت له الفرصة لذلك، وذات مرة أمسك بسماعة التليفون لإجراء مكالمة فسمع زوجته تتحدث مع والدتها فوجد نفسه - دون أن يشعر- يتنصت على المكالمة كاملة رغم انه يثق فى زوجته ثقة لا حدود لها و يعلم إنها لا تفشى أسرار بيتها و زوجها إلى أى مخلوق.

بعد إنتهاء المكالمة ذهب إلى الفراش و قبل أن يدركه النعاس ظل يحدث نفسه .. ما الذى أفعله؟ يا لها من عادة حقيرة !، وصل بى الحال إلى التجسس على زوجتى؟ إلى أين ستأخذنى هذه العادة؟!  ثم أغمض عينيه و أستغرق فى النوم.

وفى صباح اليوم التالى ذهب الى عمله و جلس على مكتبه و ظل يتابع نشاطه الروتينى و عندما جاء وقت الراحة ذهب إلى ماكينة القهوة و ملئ فنجانه و عاد إلى مكتبه.. تردد كثيرا ثم إلتقط رقم تليفون و وضع السماعات على أذنه.. سمع صوت امرأة تتحدث إلى رجل و تقول له

- نعم رأيت الوصية بنفسى .. لقد كتب لزوجته الجديدة نصف الميراث

- العاهرة ! ماذا فعلت بوالدنا حتى تفقده صوابه هكذا؟

- نعم هذا جنون.. لن أدعها تأخذ حقنا مهما كان الثمن !

- و العمل ؟

- لقد فكرت مراراً و لا سبيل إلا التخلص منه ! 

- التخلص من مَن؟ هل جننتى؟!!

- هل عندك حل آخر؟ أم ستترك ميراثنا بين يدى هذه الملعونه؟

- لعلنا نتحدث إليه مره أخرى..

- أنسيت ما حدث حينما تحدثت إليه سابقاً؟ لعلك نسيت طردك من الفيلا و أنك تتحدث إلىّ الآن من الفندق !

- أنا أجبن من أن أفعل هذا أو حتى أشارك فيه !

- لقد قضى الأمر! .. زوجته عند والدتها و قد وضعت له السمّ فى الدواء قبل المكالمة بخمس دقائق!

كانت أحداث المكالمة سريعة ، أسرع من تَلقى أدهم و إستيعابه .. و ما أن سمع ميعاد شرب الأب للدواء المسموم حتى شُلّت كل حواسه و تفكيره تماما !، أواقع هذا أم حُلم؟ لعله كابوس! .. حاول أن يفيق من هول الكارثة التى سمعها منذ قليل و إستعاد بعض تركيزه، فكتب رقم المُتصِلة على ورقة صغيرة و رفع سماعة التليفون الداخلى للشركة و طلب زميلة له فى قسم البيانات و طلب منها العنوان الخاص بالرقم و بعد إلحاح منه إنها مسألة حياة أو موت أعطته العنوان فأخرج تليفونه المحمول و إتصل بالإسعاف و بلغ عن الحالة و ملابساتها آملاً أن  يحاول المسعفين معالجته من السمّ بأى طريقة و فى أسرع وقت، ثم رفع سماعات الكمبيوتر إلى رأسه وإختار رقم الإبنة القاتلة! فوجدها تتحدث إلى رقم مختلف عن الرقم السابق و صوتها يغلبه البُكاء المُصتنَع..

-عَمي .. لقد مات والدى.. ! 

دوت الكلمات فى أذن أدهم كالصاعقة !  جُنّ عقله تماما، و حدث نفسه .. لما يحدث معى هذا؟ هذا كثير .. لا أستطيع التحمل! ثم أطاح بكل الملفات من على مكتبه فنظر له جميع الموظفين فى ذهول ! فصرخ بصوت عالى..

- لما؟ لماذا أنا بالذات؟ ..

و وسط ذهول كل من فى الحجرة فتح أدهم النافذة و ألقى بنفسه منها فسقط جثة هامدة!..

Wednesday, June 20, 2012

و اذا بالمفتاح يوضع فى كالون الباب

الثلاثاء الموافق 13 من اغسطس ، 14 من رمضان فى حوالى الساعه الثالثه و النصف فجرا.. 
كنت جالسا على الاريكه فى الردهه امام الحاسب الالى الشخصى فإذا ببطاريات الفأره قد نفذت فذهبت الى حجرتى لكى احضر اخرى جديده فوجدت اخى امام المرآه ينسق شعره فقلت له
- ستخرج؟
- لا سأنام 
فتركته و دخلت دورة المياه  و سمعت اذان الفجر و انا بالداخل فتوضأت و بعد دقائق خرجت للردهه فصليت الفجر ثم جلست على الاريكه مجددا فأمسكت بالفأره و قد نسيت امر البطاريات تماما فعدت لحجرتى و كان اخى قد غادرها فجلبت البطاريات و عدت للردهه فأغلقت الانوار و استلقيت على الاريكه ، بدلت البطاريات و بدأت افحص بريدى الالكترونى و فجأه ! ..

سمعت صوت مفاتيح بالقرب من باب منزلنا و إذا بالمفتاح يوضع فى كالون الباب بحشرجه خلعت قلبى من مكانه !! و فى اقل من ثانيه روادنى الف تخيل مرعب..
من يكون هذا؟ و كيف حصل على مفتاح منزلنا؟ و ماذا بوسعى انا افعل؟ هل معه سلاح؟ هل سأستطيع التعامل معه؟ هل احاول ايقافه و استنجد بأخى حتى يستيقظ و يساعدنى؟ كل هذه التساؤلات فى جزء من ثانيه

فنهضت وهرولت مسرعا نحو الباب واقفا على بعد خطوه منه وقد قررت ان امسك بيده قبل ان يترك المفتاح او يخرجه من الباب و خفقان قلبى يزلزل الارض من بين اقدامى ، ففُتح الباب و هممت بيدى تجاهه فنظرت فى وجهه فصُعقت !

نظرت له فى ذهول و رعب و قلبى لم يتوقف عن الخفقان ثم رجعت للاريكه و جلست التقط انفاسى عاجزا عن النطق بكلمه واحده 
فوقف امامى و قال.. 

- عذرا يا اخى سمعت اذان الفجر فذهبت للمسجد عندما كنت فى دورة المياه !

Sunday, June 10, 2012

صراع داخلى



فى مجتمعاتنا الشرقية، يقضي الإنسان نصف عمره فى صراع داخلي مع ذاته يحارب فيها ما ورثه من رجعية وأفكار عقيمة وشبح ديني يطارده قبل كل خطوة يخطوها وحينما ينجح..

يجد نفسه عاريًا من الفكر والرأي، فيقف على حافة جبل الجهل وينظر من أعلى إلى بحر المعرفة ولا خيار أمامه سوى القفز رغم أنه لا يجيد السباحة !


Monday, May 21, 2012

أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني... رحلة إلى الداخل





هذه الكلمات كتبتها فتاه تدعى "رنا بشور" وصفًا لأغنيه "فزعانه" لفيروز و زياد رحبانى

لم اكن اعلم ان هناك من يعشق زياد اكثر منى و لكننى وجدته

ينصح بسماع الاغنيه اثناء قراءة الكلمات : )







غسلت أولى ضربات الموسيقى كل شوائب العالم الخارجي من داخلها .. وجرفتها إلى العالم الخارجي ذاته ، كما تجرف المياه المتدفقة من الخرطوم غبار الطريق إلى الطريق ....وجدت نفسها مع نفسها .... مع نفسها فقط ...وراحت روحها تتسع مع فضاءات الموسيقى .. حتى لم يعد هناك من شيء اسمه حدود .حلقت إلى الداخل الرحب الذي اتسع يوم حتته الآلام ...آلات عادت إلى لحظة ولادتها ، حاملة قدرة الوليد على الانسجام الطبيعي جداً مع المحيط ، وراحت تحكي عن قلق لا يجرؤ على الاعتراف به أحد غيرها ، وحزن بدائي يظلل روح الإنسان منذ لحظة الخلق الأولى ، ويدفعه إلى الأمام ... إلى الأمام حتى حتفه .آلات اختصر جديدها وقديمها الزمان إلى لحظة واحدة مطلقة غير محددة ، وجمع تنوع أصولها الأرض كلها في قلب امرأة ...



 أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني ، ويمكن حبك جد بس أنا تعبانة " قالت فيروز بصوتها المعتق المتماوج بانسجام متعاكس مع اشتداد الألحان وانخفاضها ، معلناً أحاسيس تحتاج بشدة إلى التعبير عن ذاتها ، إلى أنا أسكت الآلات جميعها لبرهة ليطالب : " عطيني خمس دقايق بس ، تسمع عل الموسيقى .. " فاستجابت الآلات ثانية ، وراح التشيللو يطلق تنهدات آسرة العذوبة ، محاولاً إقناعه بالبقاء .." موسيقى " ألا تحبها ؟ .. ألا ترى كم هي جميلة ؟ .. أليست أجمل من أي شيء ستذهب لتقوم به؟ .. حتى وإن مللت مني ، ألا تمتعك هذه الموسيقى ؟ " لاحق تروح " .. وتؤكد الآلات ... " لاحق تروح " .. وتشدد الموسيقى .. " لاحق تروح "



" أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني " ..أجل ، أنا خائفة .. خائفة من الفراق .. خائفة من الانفصال .. خائفة من الوحدة .. مهما بدا ذلك تافهاً ولا منطقياً ..... ويعود ذلك التهديد .. إنه ينهض ويقترب من الباب .. لم تعد تتكلم .. أصبح ذلك الكلام يتردد في ذهنها كما يردد الغريق الوحيد صيحات النجدة رغم علمه أن أحداً لا يسمعه ...حتى قلبها ، الذي كان التشيللو يحكي عن بكائه ، تسارعت ضرباته وأصبحت أكثر عمقاً مبتعدة عن البكاء إلى مناطق يحوم فيها قلق لا يدخل مجال المنطق الذي يمكن الاعتراف به .لم تتبعه بعينيها لترى كيف ستبتلعه الطرقات ، بل أغلقت الباب خلفه لتواجه ألمها وحدها .." أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني ....ي .. "وانتفضت الآلات محبطة لعدم استجابته لإغوائها ..وتنهد التشيللو محاولاً زفر قنوطه إلى الخارج ..وراح البيانو الآلي يتذبذب محتاراً صعوداً وهبوطاً ، إلى أن هدأ أخيراً مستسلماً لقوانين العالم الخارجي .. سانحاً المجال ثانية لغباره بدخول نفسها التي بدأت بالتحدد من جديد ...



اعتذار ..



أعتذر منك يا زياد ، ومن كل موسيقيي العالم ، إذ حاولت أن أنزل الموسيقى إلى رتبة الكلمات ..

أعرف أن هذا يشبه حبس طائر في قفص .. أعرف أنه نوع من أنواع الكفر بأسمى ما تركه الله في نفوسنا ..

لكن اعذرني أنا البكماء التي لا تجيد إلا لغة الأبجدية .. وعذري الوحيد أنني أحس بالاختناق كلما سمعت هذه الموسيقى وأحتاج إلى التفريج عن نفسي ، رغم أنني أكره إعادة قراءة ما كتبت ، خجلة من مجموعة من الصناديق الخشبية التي شدت عليها بعض الخيوط ، والتي يمكنها أن تطلق صيحات تهز قلوب البشر ، وربما الله ذاته ، بينما أنا الكائنة البشرية عاجزة عن إطلاق صرخة واحدة تعبر حقاً عما أحس به ..