Saturday, October 5, 2019

يوميات

لطالما تصورت أنه بحلول الثلاثين ستكون النهاية، إما لي أو للعالم وبالتالي فهي لي أيضًا. الحقيقة أنني لم أعد أعير الأشياء انتباهي كما اعتدت، ذاتي لم تعد المطلق الذي أتمركز حوله، ولم تعد الإتجاهات مستقيمة، بل تسبح في أبعاد لم يُسبر غورها بعد. إنه التيه بالمعنى البسيط للكلمة، لكنني اعتدته أيضًا. يقول دوستويفسكي "إن الإنسان يعتاد كل شيء يا له من حقير"، حتى هذه الجملة لم تعد دافع للانتحار، لم تعد تعصف بي من الداخل مثلما قرأتها أول مرة. حتى الانتحار لم يعد ذاك الخيار الشاعري الذي بإمكانه إنهاء كل شيء بشكل رائع. أقضي ثلاثيناتي الآن في الروتين الذي حل محل الاكتئاب، لديّ وظيفة تقتل نصف يومي، ولديّ امرأة رائعة أحبها، وأحاول ألا أعير هذا التيه انتباهي، فعلى ما يبدو أن البقاء أهم من الوصول لوجهة ما..

Tuesday, April 9, 2019

يوميات

لدي فضول هائل لما ستبدو عليه الأمور بعد رحيل تلك الغيمة..

Tuesday, April 2, 2019

Friday, March 29, 2019

يوميات

وقف جيب جامبارديلا في الشرفة ينفث دخانه في زفير طويل، بعدما دعته إحدى صديقاته القدامى إلى بيتها. وقف ينتظرها بينما تحضر كأسين من النبيذ، وحالما خرج الدخان من رئتيه قال لنفسه "أهم ما تعلمته بعد بلوغ الستين، ألا أفعل شيئًا لا أريده أبدًا" ثم ألقى بسيجارته وغادر. شاهدت هذا المشهد قبل ستة أعوام، وشعرت برغبة شديدة وعجز في أن أفعل مثله. قبل فترة بدأت اعتياد الأمر، ولا أدري لما تحملت -طوال تلك السنين- ثقل أفعال لا أريدها.

أتساءل متعجبًا، إلى أي مدى يكرر الإنسان أخطاؤه، يقول المثل الشائع، تخدعني مرة عار عليك، وتخدعني ثانية عار عليّ، ترى، ولكن ماذا عن المرة الثالثة والرابعة والسابعة، أي كلمات بإمكانها وصف ذلك؟ المازوشية؟  الإدمان؟  أم الحب؟

أشعر بزهدٍ لا يطاق، تموت رغباتي ببطء، تضمر وتتآكل، أبدو كقس ملحد، راهب عربيد، أولي ظهري لشهوات الدنيا بينما أصب لعناتي على السماء. لا أرغب في الحب، لا أشتهي الجنس، لا طموح للهروب، ولا قدرة على أن أخطو خطوتين دون الغرق في محيط من القلق..

لابد من حدوث شيئًا، هذا عالم لم يعرف السكون، فلما أكون انا حالته الشاذة؟

Wednesday, February 20, 2019

يوميات

بي فجوة، ذات اتساع هائل، تمر بداخلها الأشياء والعناصر، تمر كيانات عملاقة، تنفذ من خلالي. تبتلع الفجوة كل شيء، تأكل شغفي وأحلامي، تأكل آمالي البسيطة. يقترب الحب، يمر بداخلي ولا يسكن، كفيرس تتهيأ له مناعة الجسم لتطرده، يسري خلالي كأني ظل بلا أي حضور فيزيقي. تتمدد الفجوة وتزداد اتساعًا، وتمرر الأشياء إلى حيث يضل الجمال وجهته في هذا العالم، حيث تسكن نفايات الشعور الأول، والظنون الحسنة بعد أن استبدلتها الخيبات. كأن قدر لي التذوق دون الارتواء. هذا عالم لا أفهمه، لا أجيد العيش فيه، لا أدري ما جدواه وما منطقه. لكنه لا يناسبني، لا يناسبني..

Friday, January 4, 2019

بملامح جامدة، وخطوات بطيئة واثقة، شقت هالتها المضيئة ألوان البرد الشاحبة. نزلت درجات سُلمية كملاك يهبط من السماء حتى أصبحت في مستوى أرضي الخراب. الغموض أكسجين المرء وهلاكه، وكان بها من الغموض ما ابتلعني كليًا. جلست ساكنة، ترنو عيناها إلى اللاشيء، تنظر لي ثم تسافر من جديد، ثمة ثقل مهيب على عاتقها لا أعرفه، وثمة حزن جفف تلك العيون من الدموع، حتى خالني أنها تبكي أمامي ولكن بلا دليل. ثمة روح منكسرة مُصرة على البقاء، وقوة جبارة لا تُقهر. خفيفة كريشة، لولا ثقل الأحزان ما غلبتها جاذبية الأرض أبدًا، تبدو كزائرة للوجود وليست كمُقيمة. لم يبهت أثر سحرها أينما ذهبت، تمشي فتصيب هالتها ما حولها بالنور والدفئ، وتكفر أزهار عبّاد الشمس بإيمانها الأزلي وتتبع إلهتها المؤقتة. ومضيتُ في أثرها، منتشيًا بدفئ لم أعهده من قبل، وسحر لا ينتهي..

Wednesday, January 2, 2019

يوميات

كلما تقدم بنا العمر، زادت فرصة المرء في أن يصبح وغدًا، مهما حافظ على براءته نقية. لا أستنتج الأشياء من الحكم على الآخرين، ولكن من مراقبة ذاتي. الأشياء تتداعى، تتغير هيئتها، تشكّل مفاهيم جديدة أكثر عمقًا، ما اعتدنا ظنه يتلاشى، ونحسب أنفسنا أكثر حكمة، ولكن ذلك محض خدعة، أقول هذا في لحظة شاذة لا أدري متى تعود. بالأمس مرت أمامي صورة رياض الصالح الحسين، وتأملت تلك البراءة المغتالة، المدركة لأهوال هذا العالم، مات في التاسعة والعشرين، وكنت أحسب أن سيكون لي مثل عمره، الآن وبعد أن تخطيت الثلاثين، كلما مرت الأيام أشعر بغربة عنه وعن أشعاره. عقلي سينفجر، لا يمكن لجميع الأشياء أن تتبع منطق واحد. أود أن تختفي المعادلات الرياضية المعقدة، أود لأبسط المسائل الحسابية أن تكون لها القدرة على شرح الكون. أخشى التحولات، أخشى الانجراف، أخشى بصماتي على سكين مغروسة في جثة لا أعرفها. جملة محمد شكري تطاردني باستمرار ..  "لقد فاتني أن أكون ملاكًا"