Friday, January 4, 2019

بملامح جامدة، وخطوات بطيئة واثقة، شقت هالتها المضيئة ألوان البرد الشاحبة. نزلت درجات سُلمية كملاك يهبط من السماء حتى أصبحت في مستوى أرضي الخراب. الغموض أكسجين المرء وهلاكه، وكان بها من الغموض ما ابتلعني كليًا. جلست ساكنة، ترنو عيناها إلى اللاشيء، تنظر لي ثم تسافر من جديد، ثمة ثقل مهيب على عاتقها لا أعرفه، وثمة حزن جفف تلك العيون من الدموع، حتى خالني أنها تبكي أمامي ولكن بلا دليل. ثمة روح منكسرة مُصرة على البقاء، وقوة جبارة لا تُقهر. خفيفة كريشة، لولا ثقل الأحزان ما غلبتها جاذبية الأرض أبدًا، تبدو كزائرة للوجود وليست كمُقيمة. لم يبهت أثر سحرها أينما ذهبت، تمشي فتصيب هالتها ما حولها بالنور والدفئ، وتكفر أزهار عبّاد الشمس بإيمانها الأزلي وتتبع إلهتها المؤقتة. ومضيتُ في أثرها، منتشيًا بدفئ لم أعهده من قبل، وسحر لا ينتهي..

Wednesday, January 2, 2019

يوميات

كلما تقدم بنا العمر، زادت فرصة المرء في أن يصبح وغدًا، مهما حافظ على براءته نقية. لا أستنتج الأشياء من الحكم على الآخرين، ولكن من مراقبة ذاتي. الأشياء تتداعى، تتغير هيئتها، تشكّل مفاهيم جديدة أكثر عمقًا، ما اعتدنا ظنه يتلاشى، ونحسب أنفسنا أكثر حكمة، ولكن ذلك محض خدعة، أقول هذا في لحظة شاذة لا أدري متى تعود. بالأمس مرت أمامي صورة رياض الصالح الحسين، وتأملت تلك البراءة المغتالة، المدركة لأهوال هذا العالم، مات في التاسعة والعشرين، وكنت أحسب أن سيكون لي مثل عمره، الآن وبعد أن تخطيت الثلاثين، كلما مرت الأيام أشعر بغربة عنه وعن أشعاره. عقلي سينفجر، لا يمكن لجميع الأشياء أن تتبع منطق واحد. أود أن تختفي المعادلات الرياضية المعقدة، أود لأبسط المسائل الحسابية أن تكون لها القدرة على شرح الكون. أخشى التحولات، أخشى الانجراف، أخشى بصماتي على سكين مغروسة في جثة لا أعرفها. جملة محمد شكري تطاردني باستمرار ..  "لقد فاتني أن أكون ملاكًا"