Sunday, January 29, 2017

يوميات

لطالما كانت الكتابة ضمادة لنزيف لا يتوقف، أكتب فأحتمله وأحتمل الهبوط المزمن، أكتب لأثبت لنفسي أني -على الأقل- أستطيع أن أصف معاناتي. لكن ما يحدث لي مؤخرًا هو إنني عاجز عن الكتابة، أكتب بشكل سيء، عاجز عن رصد ما يدور في رأسي وما يحدث معي ومن حولي، لأن عقلي عالق في مدارات جديدة ومعقدة. لستُ أكيدًا من شيء، ولا شيئًا واحدًا فقط، كيف يعيش المرء دون مُسلمات؟، حتى وجودي لستُ أكيدًا بشأنه، أغفو للنوم فيتلاشى الوجود، ويتولد عالمي المفضل، الخالي من المنطق، عالم لي وحدي، وأصحو فيولد الوجود من جديد، وكل شيء يأخذ دوره المعتاد في سرعة رهيبة، فلا أدري أيهما الواقع وأيهما الوهم.

Sunday, January 22, 2017

يوميات

حُب؟ مرة أخرى؟ .. هممم..، إنه لقرار يستدعي التفكير بشأنه أكثر من الانتحار. كيف للمرء أن يسمح باختراق بقعته الآمنة؟، التي يستلقي فيها عاريًا من كافة الأقنعة التي يرتديها طوال الوقت مُضطرًا، وهل لإنسان أن يتحمل رؤية آخر دون تلك الأقنعة؟ أن يتحمل القُبح الكامن في كل نفسٍ بشرية من رياء وجُبن، إنه لأمر بالغ التعقيد، ولكن لما أراه كذلك؟ الإدراك بالطبع. أعود بالذاكرة لما قبل عشرون عامًا، عندما أحببت زميلتي في المدرسة، لم أكن أعرف كافكا ودوستويفسكي، ولم أكن أعرف آلية عمل الهرمونات التي تتسبب في الشعور بالحُب، كنت أُحب اللعب معها في الاستراحات، واصطحابها في طريق العودة بعد انتهاء اليوم الدراسي،كان هذا كل ما في الأمر. لطالما سخرت من ذاك الشعور بأنه طفولة، لكن صرتُ متأكدًا أن هذا ببساطة هو الحُب. لا أدري لما نحن مهووسون بالحُب هكذا، ربما لأنه المعنى الحقيقي للوجود، ومن يضيّعه فقد فقدَ المعنى وضلّ السبيل، فبعدما يملّ المرء من النظر إلى السماء، ومن الأسئلة التي بلا إجابات، يتوق بشدة لكتف يتحمل رأسه المصاب بالدوار..

Saturday, January 21, 2017

إننا نرتعد كثيرًا من كل ما هو غير مألوف، رغم أن ما نألفه قد يكون أكثر رعبًا في الحقيقة..

Friday, January 20, 2017

يوميات



يقول ساراماجو أن ليس هناك ما يسمى بالوحي، فإذا أراد أحدهم الكتابة فعليه أن يمسك بالقلم ويكتب، وأنا رغم كوني رجل كلاسيكي لكن لا أستخدم الورقة والقلم مطلقًا، فلا أملك سوى هاتفي الذكي (شديد الغباء) لأكتب ما يخطر ببالي من هذيانات قبل النوم. يقول كافكا أنه ما من أمل أمام المرء، أننا في حجرة بلا نافذة ولا باب، نصدم رأسنا بالحائط بلا جدوى، أفكر في تلك المقولة كثيرًا، يومًا ما سأترجمها موسيقيًا. إن هذا الكون رغم إتساعه الهائل، إلا أننا أسرى رؤوسنا، التي هي مظلمة وضيقة، وبلا نافذة ولا باب. لطالما علقت آمالًا على الأبدية، لطالما تُقت إليها، فعندما أرتاح إلى رفقة أحدهم، أتمنى أمنية داخلية أن تبقى هذه الرفقة إلى الأبد، ولكن لم تتحقق تلك الأماني، يجرفنا التيار لشيء مجهول، وما بيدنا سوى أن نمضي معه. أعتقد أن ساراماجو كان مُحقًا، ففي البداية، لم يكن لديّ شيئًا لأكتب عنه..


Wednesday, January 18, 2017

يوميات

لديّ وظيفة رتيبة، بها من الملل ما بوظيفة فرانز كافكا الروتينية، أقول الكلمات نفسها مرارًا، أسمع مئات الأصوات يوميًا على الهاتف، وأتخيل هيئات أصحابها، ملابسهم، ولون شعرهم، ومدى رضاهم عن حياتهم الجنسية. الموظفون يتصرفون بآلية مدهشة -حتى بآلية أفضل من الآلات العتيقة التي نعمل عليها- يجوبون المكان جيئة وذهابًا، ينظرون فقط إلى الأمام وإلى الأعلى، في عيونهم زيغ مريب، كأن بهم إصابة ما، ولكن ليست بسبب عضة أحد العائدين من الموت، ولكن بسبب رتابة هذا العمل، يبتسمون بلا روح ويضحكون دون أن يشعروك بالودّ، أشعر أنهم متصلين سلكيًا بجهازٍ ما إلكتروني وإنه إذا ما عبث أحدهم بهذا الجهاز فسوف يسقطون جميعًا في الوقت ذاته. لقد أدركت أنني لن أكون سعيدًا أينما ذهبت، فالطريقة التي أنظر بها إلى الأمور هي ما تجلب لي التعاسة، أشفق على العاهرة أثناء ممارسة الجنس معها بدلًا من الإحساس بالشهوة، أقرأ الحزن خلف الوجوه المبتسمة، وأوجد الكثير من الأعذار للجميع. لم أفكر قط في الذهاب إلى طبيب نفسي، ما من شيء قادر على أن يشفي علّتي، وما من شيء قادر على إلهائي عن لعنة الإدراك الهائلة تلك .. ربما الحُب..

Sunday, January 15, 2017

يوميات

ما من شيء قادر على أن يجعلك تتجاهل ما تدرك وجوده بالفعل، إنها عملية مُعقدة وحمقاء وحتمية الفشل. ولكن لما كان الإدراك في البدء؟، لتجنب العقبات؟ لمنّطقة الأشياء وفهمها؟، انظر حولك، ذاك الصراط الرفيع يجتازه الجميع معصوبي العينين، ويصلون لشاطئ الحب، دون أن يدركوا شيئًا مما تتدركه أنت، وتتشدق بمعرفته، الآن تود أن تتظاهر بالبلاهة، وتغمض عينيك معتقدًا أنك ستعبر هكذا بمنتهى البساطة؟، هيهات. عليك أن تفقد الذاكرة، أو تقف على الحافة منتظرًا، لمن سيأتي من الجانب الآخر لاصطحابك، وحينها فقط، يمكنك أن تغمض عينيك أثناء العبور..


Saturday, January 7, 2017

يوميات

خطر لي، لما لا أتبادل الأدوار مع الرب؟، لما أقاسي الإحساس بالذنب وأنا عاجز كليًا، بينما يصمت هو متعمدًا ولديه مُطلق القدرة، هذا التبادل البسيط سيحل مشاكل كثيرة، سأساعد تلك الفتاة على السفر، وسأجد وظيفة لسائق الأجرة المُسن هذا، الذي ندم على إضاعة الكثير من الفرص، وسأوجد مأوى لكل الحيوانات في الطرق، كي لا أرى نظرة الهلع في عيونهم مرة أخرى. بالأمس تسكعت مع زملائي في العمل، قضينا وقتًا لطيفًا، رغم أنه لا توجد بيني وبينهم أي اهتمامات مشتركة، لا الكتب ولا السينما ولا الموسيقى، لكني وجدت نفسي أتعلم منهم كثيرًا، من الطريقة التي يعيشون الحياة بها. إن أعظم ما أمتلكه الآن هو التمني، ليس لدي طاقة لأحقق شيئًا وسط هذا الكم الهائل من التعقيدات والتفاصيل المُنهكة، لكني فقط أتمنى، وهذا يكفي..


Thursday, January 5, 2017

يوميات

حجرتي مُحكمة الإغلاق، جدرانها زجاجية شفّافة، لديّ بيانو متواضع وكتب رثة، وقطط وأوراق خريفية جافة، وأزهار تحتضر من قلة الضوء. حجرتي تجذب الناظرين العابرين من دون اهتمام، يطرقون بابي فلا أستطيع سوى أن أستضيفهم بالداخل، لكنهم يجدون أشياء أخرى، جثث متعفنة وأزهار ميّتة، وحطام ورماد حرائق هائلة، فسرعان ما يغادرون دون عودة، لأحكم غلق باب غرفتي من جديد دون أن أدري من أمري شيئًا..