Monday, May 21, 2012

أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني... رحلة إلى الداخل





هذه الكلمات كتبتها فتاه تدعى "رنا بشور" وصفًا لأغنيه "فزعانه" لفيروز و زياد رحبانى

لم اكن اعلم ان هناك من يعشق زياد اكثر منى و لكننى وجدته

ينصح بسماع الاغنيه اثناء قراءة الكلمات : )







غسلت أولى ضربات الموسيقى كل شوائب العالم الخارجي من داخلها .. وجرفتها إلى العالم الخارجي ذاته ، كما تجرف المياه المتدفقة من الخرطوم غبار الطريق إلى الطريق ....وجدت نفسها مع نفسها .... مع نفسها فقط ...وراحت روحها تتسع مع فضاءات الموسيقى .. حتى لم يعد هناك من شيء اسمه حدود .حلقت إلى الداخل الرحب الذي اتسع يوم حتته الآلام ...آلات عادت إلى لحظة ولادتها ، حاملة قدرة الوليد على الانسجام الطبيعي جداً مع المحيط ، وراحت تحكي عن قلق لا يجرؤ على الاعتراف به أحد غيرها ، وحزن بدائي يظلل روح الإنسان منذ لحظة الخلق الأولى ، ويدفعه إلى الأمام ... إلى الأمام حتى حتفه .آلات اختصر جديدها وقديمها الزمان إلى لحظة واحدة مطلقة غير محددة ، وجمع تنوع أصولها الأرض كلها في قلب امرأة ...



 أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني ، ويمكن حبك جد بس أنا تعبانة " قالت فيروز بصوتها المعتق المتماوج بانسجام متعاكس مع اشتداد الألحان وانخفاضها ، معلناً أحاسيس تحتاج بشدة إلى التعبير عن ذاتها ، إلى أنا أسكت الآلات جميعها لبرهة ليطالب : " عطيني خمس دقايق بس ، تسمع عل الموسيقى .. " فاستجابت الآلات ثانية ، وراح التشيللو يطلق تنهدات آسرة العذوبة ، محاولاً إقناعه بالبقاء .." موسيقى " ألا تحبها ؟ .. ألا ترى كم هي جميلة ؟ .. أليست أجمل من أي شيء ستذهب لتقوم به؟ .. حتى وإن مللت مني ، ألا تمتعك هذه الموسيقى ؟ " لاحق تروح " .. وتؤكد الآلات ... " لاحق تروح " .. وتشدد الموسيقى .. " لاحق تروح "



" أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني " ..أجل ، أنا خائفة .. خائفة من الفراق .. خائفة من الانفصال .. خائفة من الوحدة .. مهما بدا ذلك تافهاً ولا منطقياً ..... ويعود ذلك التهديد .. إنه ينهض ويقترب من الباب .. لم تعد تتكلم .. أصبح ذلك الكلام يتردد في ذهنها كما يردد الغريق الوحيد صيحات النجدة رغم علمه أن أحداً لا يسمعه ...حتى قلبها ، الذي كان التشيللو يحكي عن بكائه ، تسارعت ضرباته وأصبحت أكثر عمقاً مبتعدة عن البكاء إلى مناطق يحوم فيها قلق لا يدخل مجال المنطق الذي يمكن الاعتراف به .لم تتبعه بعينيها لترى كيف ستبتلعه الطرقات ، بل أغلقت الباب خلفه لتواجه ألمها وحدها .." أنا فزعانة تقوم عن جد تنساني ....ي .. "وانتفضت الآلات محبطة لعدم استجابته لإغوائها ..وتنهد التشيللو محاولاً زفر قنوطه إلى الخارج ..وراح البيانو الآلي يتذبذب محتاراً صعوداً وهبوطاً ، إلى أن هدأ أخيراً مستسلماً لقوانين العالم الخارجي .. سانحاً المجال ثانية لغباره بدخول نفسها التي بدأت بالتحدد من جديد ...



اعتذار ..



أعتذر منك يا زياد ، ومن كل موسيقيي العالم ، إذ حاولت أن أنزل الموسيقى إلى رتبة الكلمات ..

أعرف أن هذا يشبه حبس طائر في قفص .. أعرف أنه نوع من أنواع الكفر بأسمى ما تركه الله في نفوسنا ..

لكن اعذرني أنا البكماء التي لا تجيد إلا لغة الأبجدية .. وعذري الوحيد أنني أحس بالاختناق كلما سمعت هذه الموسيقى وأحتاج إلى التفريج عن نفسي ، رغم أنني أكره إعادة قراءة ما كتبت ، خجلة من مجموعة من الصناديق الخشبية التي شدت عليها بعض الخيوط ، والتي يمكنها أن تطلق صيحات تهز قلوب البشر ، وربما الله ذاته ، بينما أنا الكائنة البشرية عاجزة عن إطلاق صرخة واحدة تعبر حقاً عما أحس به ..

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.