Wednesday, January 18, 2017

يوميات

لديّ وظيفة رتيبة، بها من الملل ما بوظيفة فرانز كافكا الروتينية، أقول الكلمات نفسها مرارًا، أسمع مئات الأصوات يوميًا على الهاتف، وأتخيل هيئات أصحابها، ملابسهم، ولون شعرهم، ومدى رضاهم عن حياتهم الجنسية. الموظفون يتصرفون بآلية مدهشة -حتى بآلية أفضل من الآلات العتيقة التي نعمل عليها- يجوبون المكان جيئة وذهابًا، ينظرون فقط إلى الأمام وإلى الأعلى، في عيونهم زيغ مريب، كأن بهم إصابة ما، ولكن ليست بسبب عضة أحد العائدين من الموت، ولكن بسبب رتابة هذا العمل، يبتسمون بلا روح ويضحكون دون أن يشعروك بالودّ، أشعر أنهم متصلين سلكيًا بجهازٍ ما إلكتروني وإنه إذا ما عبث أحدهم بهذا الجهاز فسوف يسقطون جميعًا في الوقت ذاته. لقد أدركت أنني لن أكون سعيدًا أينما ذهبت، فالطريقة التي أنظر بها إلى الأمور هي ما تجلب لي التعاسة، أشفق على العاهرة أثناء ممارسة الجنس معها بدلًا من الإحساس بالشهوة، أقرأ الحزن خلف الوجوه المبتسمة، وأوجد الكثير من الأعذار للجميع. لم أفكر قط في الذهاب إلى طبيب نفسي، ما من شيء قادر على أن يشفي علّتي، وما من شيء قادر على إلهائي عن لعنة الإدراك الهائلة تلك .. ربما الحُب..

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.