Sunday, August 20, 2017

رقص

الأزرق فالأخضر فالأحمر، هكذا في تماهي وانسجام تنسال الأشعة في هيئة بخار ينطلق من مصابيح عالقة في الأعلى، تمتزج بأدخنة التبغ والحشيش، تشكّل أشكالًا بلا معنى سريعًا ما تندثر إلى الأعلى. وقفوا جميعًا في ترقب وحماس جامدين تقريبًا إلا بعض التمايل البسيط، يولون وجهتم نحو إتجاه واحد، ينتظرون بداية الحدث العظيم، في أيديهم زجاجات الخمر، يشربون بنَهم إلى مالانهاية. مشتْ بتمهل وخلفها اثنان يسيرون بنفس الخفة، صعدوا درجة واحدة، واصطفّوا بجانب بعضهم البعض، بدأت برقة تلمس بعض الأزرار المضيئة، فيزيد تمايل الحشد الرهيب، وبجانبها شاب قصير ذو شعر أسود غزير بضفائر شديدة الصغر، يحمل جيتار كهربائي، بدأ في إصدار نغمات خالية من أي إيقاع أو تناغم، لكنها امتزجت مع الصخب بشكل غامض. وبجانبه شاب متوسط القامة والثمنة، ذو شعر خشن أسود، يرتدي اللون الأسود ويحمل في يده ميكروفون، يطلق عبارات لم تكن مفهومة لهم من شدة الضوضاء، حيّاهم، حمّسهم، ولم يميّزوا كلمة واحدة منه، واستمر في إلقاء بعض العبارات من وقت لآخر، ثم دلف إلى حجرة مغلقة صغيرة. كان شعرها لونه أصفر مربوط إلى الخلف، تملك جسدًا نحيفًا، أشعلت سيجارة وشربت من مشروبها الخاص، وبدأت تعبث مجددًا بالأزرار، تحول التمايل تدريجيًا إلى جنون، كانت حركاتهم تحاكي حركتها، ثم تطورت إلى شيء آخر مختلف تمامًا، انتهوا من زجاجات الخمر، وفقدوا كل وعي لديهم. ضرب العازف بقوة على الجيتار فزاد العبث، وأصبح رقصهم فوضى مطلقة. حركات سريعة مجنونة، يقفزون من مكان للآخر، لم يعد يدرك كلًا منهم مع من آتى ومع من يرقص. عاد حامل الميكروفون بعيون شديدة الاتساع، صعد الدرجة كأنما صعد إلى السماء، قبّل الفتاة بقوة، ومن ثم عازف الجيتار أيضًا، ورفع الميكروفون إلى فمه ليبدأ الصراخ، لكن دون أية استجابة.

"انتهى كل شيء يا سادة"
"سنندثر كلنا بلا رحمة"
"سيلتهمنا العدم جميعًا"

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.